2024/05/04 1:03 صباحًا
الصفحة الرئيسية / مقالات / الأسطورة التي لا تيأس

الأسطورة التي لا تيأس

1816816-000_13Y07Y-copy

كتب: فضل عرابي

 

يحكى أن قمة الألم هي أن تصل لحد اليئس، وأن تدخل في دوامة من الظلم والظلمة معًا، حيث يعم السواد، ويغيب النور، ويحضر من وصفهم بوفون ذات مرة أن في مكان قلبهم براميل من القمامة، أن تعيش في زمن لا مكان للطهارة فيه، بل هو زمن القمامة بإمتياز، زمن السرقة.
 
ويشتد الألم، ويعتصر القلب، وتفيض دموع العين، إذا لم تستطع الخروج من دوامة الظلم والظلمة هذه، ويحكي أن التظاهر بالقوة في أضعف أوقاتك، هو قمة القوة وأسمى معانيها، فلا مكان للإستسلام، عند الكبار.
 
أما المجد وقمته فاسمه بوفون، ذلك الحارس الأسطورة، أفضل حارس في العالم والتاريخ، الذي حارب يأسه وضعفه والظالم والظالم والظلام، ليحقق هدفه، حتى لو بدى ذلك له قبلنا أنه ضرب من الخيال.
 
أنه الحارس الذي لا ييأس ولا يستسلم ولا يلقي المنديل الأبيض، فهو القائل حينما تراجع يوفنتوس قصرًا، لقد جهزوا جنازتنا وساروا فيها، لكننا لازلنا على قيد الحياة، نحن لم نمت، وسننتصر.
يخرج من جلباب الفشل ليعود أقوى من ذي قبل، فالجنازة التي يحضرها له الناس عنده تحفيز، ودافع معنوي للتحسن، يحول الطاقة السلبية لإيجابية، ونواح الحزن لديه أناشيد للبهجة أما ظلم الكرة له فهو التحدي الذي خارت قواه وهو يحاربه، فبين الظلم والعدل خيط رفيع لا يراه إلا أصحاب القلوب النقية، لكن قلب بوفون بلغ المنى و لم ينله، ورغم ذلك بقي لم يستسلم واستمر في كتابة أسطورته.
جانلويجي بوفون، كم عشقت هذا الإسم وكم تحديت الجميع بأنه سيعتزل كرة القدم في يوفنتوس، حينما ظن بعض الأشرار أنه سيترك سيدته، حينما ضربتها رماح الغدر من الخلف، أو حينما اختلف مع مدربه ديل نيري، أو حينما شكت إدارة كوبولي جيلي بإمكانياته بعد توقفه عن اللعب لما يقرب العام بعد جراحة في الظهر.
 
قد يلومني البعض على حبي لبوفون لكنه فرض علي كما فرض مدرس اللغة العربية حفظ معلقة زهير بن أبى سلمى بالكاد أفهم بعض كلماتها لكني مدرك جيدًا لمعانيها عندما قال:
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش __ ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
 
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب __ تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
 
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ __ وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَم
 
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ __ يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ
 
وفي النهاية أقول: بوفون فريد من نوعه فلم يسبق له مثيل ولن يتلوه شبيه وعند إعتزاله سيكون هناك فاصل بين زمانين، زمن بوفون وما بعد بوفون .
 
جانلويجي بوفون حارس لم ولن يسقط، ولن يقوى أحد على إسقاطه، حتى بعد إعتزاله، ويومها سأبكي كما قفازه، وحتى وقت إعتزاله سيبقى أفضل حراس العالم والبقية خلفه، لكنه بعد الإعتزال سيبقى الأفضل في التاريخ.
 
وهذا ما لن يستطع أحد أن يسرقه منه، كما سرقوا الكثير منه فوق المستطيل الأخضر.
 

شاهد أيضا

يوفنتوس المتعثر يصطدم بنابولي في السوبر الإيطالي

الألمانية وسط الكبوة الكبيرة التي يمر بها يوفنتوس في الموسم الحالي ، يأمل فريق السيدة ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *