مواقع إلكترونية
ناقش مؤتمر علمي عُقد في مدينة كليرمون فيران الفرنسية التأثيرات العصبية للعديد من الرياضات.
وقال الكاتب دلفين شيات في حواره الذي أجراه مع البروفسور جون غزال، والذي نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إنه في عام 2016 حذّر غزال، المتخصص في طب جراحة الأعصاب، من مخاطر الارتجاج، إثر نهائي بطولةفرنسا للرغبي الذي كان “عنيفا للغاية” والذي تعرض خلاله عديد اللاعبين إلى إصابات خطيرة.
وبعد مرور عامين على هذه البطولة، نظم جون غزال مؤتمرا دوليا في مدينة كليرمون فيران، في التاسع والعاشر من الشهر الجاري، حول هذه الإصابات التي غالبا ما تكون غير مرئية، فضلا عن تأثيراتها على صحة اللاعبين. ولأول مرة في فرنسا، شارك العديد من الاتحادات الرياضية في هذا المؤتمر.
وعن السؤال الذي وُجه له حول أسباب تنظيم هذا المؤتمر، أجاب غزال أن “الهدف من ذلك يتمثل في نشر الوعي في أوساط عالم الرياضة، حيث يغيب الوعي بشأن حجم المخاطر التي يتعرض لها الرياضيون”.
وأضاف “قد اختير أكثر من 400 تقرير علمي للتحضير لهذا المؤتمر الطبي. كما قمنا بجرد المعلومات المتعلقة بارتجاجات الدماغ، من خلال التركيز على شروط السماح للرياضي بالعودة إلى الميدان. وفي الواقع، نلاحظ في كثير من الأحيان عودة الرياضيين، الذين تعرضوا إلى هذه الحالة، إلى المنافسة أو التدريب قبل شفائهم تماما، وهو ما يعتبر خطيرا جدا”.
وفيما يتعلق بمفهوم ارتجاج الدماغ، أفاد هذا المتخصص أنه عبارة عن “اهتزاز للدماغ في جمجمة الإنسان، الذي ينتج عن صدمة مباشرة أو حركة عنيفة جدا للرأس إما إلى الخلف أو إلى الأمام. ويحدث هذا الأمر في حالة تسارع أو تباطؤ قوي جدا، عند ركوب دراجة نارية أو أثناء لعبة الرغبي على سبيل المثال. وتكمن المشكلة في أن الارتجاج ليس سهل التشخيص دائما.
ومن الناحية السريرية، من المؤكد أن هذه الحالة تكون مرفقة بفقدان الوعي. لكن، في معظم الحالات تكون الضحية “قد تعرضت لضربة عنيفة”.
وتتنوع أعراض الإصابة بارتجاج الدماغ، بين اضطرابات التوازن والذاكرة والانتباه والتركيز والتهيج وآلام الرأس. ويمكن أن تظهر هذه الأعراض على امتداد أيام عديدة. ولا بد من إجراء اختبارات التوازن والإدراك للتأكد مما إذا تعرض الشخص لهذه الحالة أم لا.
بالحديث عن آثار هذا الارتجاج على المصاب، حذّر جون غزال من أن “التعرض المتكرر لهذا النوع من الصدمات ضار جدا. ويزيد تراكم الارتجاجات من خطر الاعتلال الدماغي المزمن الذي يلي الصدمة، بمعنى خطر التحلل العصبي، كالإصابة بمرض ألزهايمر أو مرض باركنسون. وتختلف هذه الحالة من شخص إلى آخر بسبب الاستعداد الوراثي أو مدى الحماية من الإصابة بهذه الأمراض”.
من الضروري منع الرياضي الذي تعرض لارتجاج من العودة إلى نشاطه إذا كان لا يزال يُعاني من أعراض هذه الحالة (غيتي) |
ويضيف غزال أن “الأطفال والمراهقين هم الأكثر حساسية تجاه هذه الحالة لأن أجسادهم، وخاصة الجهاز العضلي الهيكلي والدماغ، لم تصل بعد إلى مرحلة النضج. ووفقا لبعض الدراسات، قد يرتبط التعرض للارتجاجات بشكل متكرر في مرحلة الطفولة بانخفاض نسبة الذكاء”.
بخصوص أنواع الرياضات التي قد تسبب الإصابة بارتجاج الدماغ، أشار المتخصص في طب جراحة الأعصاب إلى جميع الألعاب الرياضية، سواء الفردية أو الجماعية، التي تنطوي على خطر التعرض لضربات أو السقوط أو التغيرات المفاجئة للسرعة.
وتعد الملاكمة أولى الرياضات التي ترتفع فيها نسبة الإصابة بهذه الحالة، تليها في مرحلة ثانية رياضة الرغبي وركوب الخيل والدراجات النارية وهوكي الجليد والتزلج وكرة القدم والجودو، فضلا عن كرة اليد.
أما بالنسبة للنصائح التي يقدمها في هذا الصدد، فقد بيّن جون غزال أنه “يجب الحذر بشأن ظروف العودة إلى اللعب بشكل خاص، بما أنه من الصعب تجنب الارتجاجات في بعض الألعاب الرياضية”.
وأضاف “تعتبر الدراسات العلمية في هذا الخصوص واضحة، حيث من الضروري منع الرياضي الذي تعرض لارتجاج من العودة إلى نشاطه إذا كان لا يزال يعاني من أعراض هذه الحالة. أما بالنسبة للأطفال فعليهم استئناف النشاط الرياضي بعد المدرسة، حين يصبح الطفل قادرا على التعلم، كما كان في السابق”.